چکیده:
ؤمن الشيعة الإمامية بأن الأئمة الاثني عشر هم نور واحد، وأنّ أخلاقهم وأفعالهم متّسقة ومنسجمة في سبيل هدف موحّد، لكنهم اختلفوا في بعض الأساليب والطرق بحسب الظروف والمواقف التي واجهوها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الإمام الحسن العسكري (ع) آخر الأئمة الذين عاشوا بين الناس بشكل ظاهر وعلني، وتم توثيق بعض جوانب حياته الاجتماعية والسياسية. ولأنه عاش في ظل حصار ورقابة شديدين من قبل الحكام - كما كان حال أبيه من قبل - فإن الأخبار المتعلقة بحياته قليلة ونادرة، ولكن مما ورد عنه من أخبار نستطيع أن نلاحظ أن بعض جوانب سلوكه كانت متماشية مع سلوك آبائه، وبعضها لا يبدو كذلك. ومن هنا تسعى هذه المقالة للإجابة عن السؤال التالي: كيف يمكن تحليل وتبرير هذه الاختلافات؟ تركز هذه الدراسة على الجانب الاجتماعي والسياسي من سيرة الإمام العسكري (ع)، ولا تتناول سائر أبعادها كسيرته العبادية. فرضية البحث هي أن سيرة الإمام الحادي عشر لا تختلف عن سيرة سواه من الأئمة في معناها وجوهرها، وإنما تختلف في صورتها بسبب اختلاف ظروف الزمان والمكان. ولكن يبقى هناك بعض النقاط التي قد يظهر منها عدم التوافق مع سيرة بقية الأئمة؛ وهو ما سوف نتعرّض له في هذه المقالة.

دانــلود